موقع الدرر السنية / خدمة للجميع



مُقدِّمة التَّفسير

الحمدُ للهِ الَّذي أَنزلَ الفرقانَ على عَبدِه ليكونَ للعالَمين نذيرًا، والصَّلاةُ والسَّلام علَى مَن أَرْسله داعيًا إليه بإذنِه وسِراجًا مُنيرًا.
أمَّا بعدُ:
فإنَّ كتابَ اللهِ (القرآنَ العظيمَ) هو الحقُّ المبين، أنزله على عَبدِه ورسولِه الأمين؛ ليكونَ هدايةً للإنسِ والجنِّ أَجمعين، ويُخرِجهم من ظُلماتِ الباطلِ والشَّكِّ إلى نُورِ الحقِّ واليقين؛ فمَن استمسك به فقد اعتَصَم بالحبلِ القَويم، وهُدِي إلى الصِّراط المُستقيم.
قال اللهُ عزَّ وجلَّ: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ الله نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [المائدة: 15- 16].
وكتابُ الله هو أفضلُ الكتُب السَّماويَّة، وأعظمُ وحيٍ أُنزِل على البشريَّة.
قال الله عزَّ وجلَّ لنبيِّه محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ [المائدة: 48].
قال الحافظ ابنُ كثير رحمه الله: (فهو أمينٌ وشاهدٌ وحاكمٌ على كلِّ كتابٍ قَبْله، جعَل الله هذا الكتابَ العظيم- الذي أنزله آخِرَ الكتُب وخاتمها- أشملَها وأعظمَها وأحكمَها، حيث جمع فيه محاسنَ ما قبله، وزاده من الكمالاتِ ما ليس في غيره؛ فلهذا جعله شاهدًا وأمينًا وحاكمًا عليها كلِّها، وتكفَّل تعالى بحفظه بنفسه الكريمة، فقال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9])  (1) .
وإنَّ سعادةَ كلِّ إنسان مرهونةٌ بهذا القرآن؛ فَهمًا له وتبليغًا، وعملًا به وتحكيمًا.
قال الله تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا [الإسراء: 9].
وقال سبحانه: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا [الإسراء: 82].
وقال تبارك وتعالى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا [الجن: 1-2].
وقدْ جُعلت تلاوتُه من أفضلِ الطَّاعات، وتدبُّرُه من أجلِّ وأعلى القُرُبات.
قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر: 29، 30].
قال الشيخُ السعديُّ رحمه الله: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، أي: يَتَّبعونه في أوامره فيَمتثِلونها، وفي نواهيه فيَترُكونها، وفي أخبارِه فيُصدِّقونها ويعتقدونها، ولا يُقدِّمون عليه ما خالَفَه من الأقوال، ويَتلُون أيضًا ألفاظه، بدراسته، ومعانيه، بتتبُّعها واستخراجها)  (2) .
وعن أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((مَثَل المؤمنِ الذي يَقرأُ القرآنَ كمَثَل الأُتْرُجَّة؛ رِيحُها طيِّب وطَعمُها طيِّب، ومَثَلُ المؤمنِ الذي لا يَقرأ القرآنَ كمَثل التمرةِ؛ لا رِيحَ لها وطعمها حُلو، ومَثَلُ المنافقِ الذي يقرأ القرآن مثلُ الرَّيحانةِ؛ رِيحها طيِّب وطعهما مُرٌّ، ومَثَلُ المنافق الذي لا يَقرأ القرآن كمَثَل الحنظلةِ، ليس لها رِيحٌ وطعمها مُرٌّ))  (3) .
وإنَّ إجالةَ الخاطرِ في حِكَمه، وتلمُّسِ أسراره ومراميه، بابٌ يُفتح بمعرفةِ تفسيره، والتمعُّن في بديع معانيه.
قال سبحانه: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص: 29].
قال الزركشيُّ رحمه الله: (ومَن لم يكُنْ له عِلمٌ وفَهمٌ وتقوى وتدبُّرٌ لم يُدركْ من لذَّة القرآن شيئًا)  (4) .
وقال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّة رحمة الله: (ومِن المعلوم أنَّ كلَّ كلامٍ فالمقصودُ منه فَهمُ معانيه، دون مجرَّد ألفاظه، فالقرآنُ أَوْلى بذلك، وأيضًا فالعادة تمنع أن يَقرأَ قومٌ كتابًا في فنٍّ من العِلمِ كالطبِّ والحساب، ولا يستشرحوه؛ فكيف بكلامِ الله الذي هو عِصمتُهم، وبه نجاتهم وسعادتهم، وقيامُ دِينهم ودُنياهم؟!)  (5) . 
وقال العلَّامةُ ابنُ القيِّم رحمه الله: (وبالجملةِ فلا شيءَ أنفعُ للقلب من قِراءة القرآنِ بالتدبُّر والتفكُّر؛ فإنَّه جامعٌ لجميع منازلِ السَّائرين، وأحوالِ العامِلين، ومقامات العارِفين، وهو الذي يُورِثُ المحبَّةَ والشوقَ، والخوف والرجاء، والإنابة والتوكُّل، والرِّضا والتَّفويض، والشُّكر والصَّبر، وسائر الأحوال التي بها حياةُ القلبِ وكمالِه، وكذلك يَزْجُر عن جميعِ الصِّفاتِ والأفعال المذمومة، والتي بها فسادُ القلب وهلاكه، فلو علِم النَّاسُ ما في قراءةِ القرآنِ بالتدبُّر لاشْتَغلوا بها عن كلِّ ما سواها، فإذا قرأه بتفكُّر حتى مرَّ بآيةٍ وهو محتاجٌ إليها في شفاء قلبه كرَّرها ولو مِئةَ مرَّة ولو ليلةً؛ فقِراءةُ آيةٍ بتفكُّرٍ وتفهُّمٍ خيرٌ من قراءة خَتمةٍ بغير تدبُّرٍ وتفهُّمٍ، وأنفعُ للقلب وأدْعى إلى حُصولِ الإيمان، وذَوْق حلاوة القرآنِ) (6) . 
وقال الإمام ابنُ رجب رحمه الله: (ومِن أعظمِ ما يَتقرَّب به العبدُ إلى الله تعالى مِنَ النَّوافل: كثرةُ تلاوةِ القرآن، وسماعُهُ بتفكُّرٍ وتدبُّرٍ وتفهُّمٍ)  (7) .
وقد كانَ هذا ديدنَ النبيِّ المختارِ عليه الصَّلاة والسَّلام، وأصحابِه الأطهارِ الكِرام.
فعن أبي ذرِّ رضي الله عنه، قال: ((صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليلةً فقرأ بآيةٍ حتى أصبح...: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة: 118]  (8) .
وعن ابن مَسعودٍ رضي الله عنه، قال: (كان الرَّجل منَّا إذا تعلَّم عَشرَ آياتٍ، لم يُجاوزْهنَّ حتى يَعرِفَ معانيَهنَّ والعملَ بهنَّ)  (9) .
هذا، وإنَّ شرفَ العِلم إنَّما يكونَ على قدْر شرَف المعلوم؛ وعليه فإنَّ أشرفَ العلومِ وأرفعَها قدرًا، وأَوْلاها بالتَّفضيلِ حقًّا وصِدقًا، هو عِلمُ التَّفسير؛ فموضوعُه كلامُ الحكيمِ الخبير.
قال الرَّاغب: (أشرفُ صناعةٍ يَتعاطاها الإنسان، تفسيرُ القرآن)  (10) .
لكنَّ الناظرَ إلى كتُب التفسير المنشورة ورقيًّا وإلكترونيًّا نظرةً فاحصة يمكنه إدراكُ مدى الحاجة إلى تَفسيرٍ شاملٍ وواضحٍ ومُحرَّر، يَستفيدُ منه جميعُ الفئات والمستويات في هذا العَصر، وأنَّ هذا أمرٌ مُلِحٌّ، ومطلبٌ ضروريٌّ، خصوصًا مع عزوف كثيرٍ من أهل العِلم وطلبتِه عن عِلم التَّفسير، فضلًا عن عُمومِ المسلمين!
والاستفادة المباشرة من كتُب التفسير- التي لا غِنَى عنها- يعوقها أمورٌ، منها:
اللغة التي كُتِبت بها كثيرٌ من التفاسير، وهي لغةٌ عِلميَّةٌ قد لا تُفهم بسُهولةٍ لدَى القارئ غير المتخصِّص.
ذِكر الأقوالِ دون ترجيحٍ في كثيرٍ من الأحيان؛ ممَّا يستدعي حيرةَ القارئ.
كثرة الاستطرادات التي قد تُشتِّت القارئ بعيدًا عن الغاية المنشودة من عِلم التفسير.
طريقةُ العَرْض غالبًا ما تتداخل فيها المعلومات دون فَصلٍ بين غريبِ الكلماتِ، والبلاغةِ والفوائدِ ومعاني الآيات، وغيرِ ذلك من جوانبِ التَّفسيرِ التي يَحتاج كلٌّ منها إلى ذِكرها مستقلةً عن الأخرى؛ فذلك أدْعَى لفَهمها واستيعابها.
لذا فقدْ قامت مؤسَّسةُ الدُّرر السَّنيَّة- أداءً لرِسالتها، وتحقيقًا لرؤيتها، المتمثِّلة في نشْر العِلم الشرعيِّ المؤصَّل- بالعملِ على إعداد كتابٍ مُحرَّر في التفسير؛ خِدمةً لكتاب الله تعالى، ولتيسيرِ الاستفادةِ منه على النَّاسِ كافَّةً، على أن يُنشرَ ما يتمُّ الانتهاءُ منه وتحريرُه من التفسيرِ تِباعًا، سواء على الموقع الإلكتروني أو على صفحات الكتُب.
وقد قام بإعداد هذا التفسيرِ ثلَّةٌ من طلبةِ العِلم المتميِّزين بالقِسمِ العِلميِّ بمؤسَّسة الدُّرر السَّنيَّة، بإشراف الشَّيخِ عَلَوي بن عبد القادر السَّقَّاف، وقد قرأَ هذا التفسير وراجَعَه ودقَّقه كلٌّ من:
1 -الشيخ الدكتور خالد بن عثمان السَّبت، أستاذ التَّفسير وعلوم القرآن في جامعة الدمام.
2- الشيخ الدكتور أحمد بن سعد الخطيب، أستاذ التَّفسير وعلوم القرآن في جامعة الأزهر بقنا.
مزايا هذا التَّفسير:


ويَتميَّز هذا التفسير بالأمور التالية:
الشُّمول والاستيعاب، مع حُسْن التَّرتيب والعرض.
الحِرص على تَسهيلِ المعلومة، حيثُ صِيغت بعباراتٍ عِلميةٍ سهلةٍ، وواضحةٍ، ومختصَرة.
الاهتمام بذِكرِ الأدلَّة، والاقتصار على ما صحَّ منها.
الاعتماد على المصادرِ الأصليَّة المعتمَدة في كلِّ علمٍ من علومِ القرآن وتفسيره.
التَّوثيق للمعلومات والنُّقولات.
تخريج الأحاديثِ والآثارِ الواردة بهذا التَّفسير.
الالتزام بمُعتَقَد أهل السُّنَّة والجماعة، ونَبْذ ما يُخالفه.

وضمَّ هذا التَّفسير ما تفرَّق في التفاسير من المهمَّات، فحوى:
1- أسماء السُّور مع أسبابِ تَسميتِها.
2- فضائل السُّور وخصائصها.
3- بيان المكِّي والمدني.
4- أسباب نُزول السُّور والآيات.
5- مقاصِد السُّور.
6- موضوعات السُّور.
7- غريب الكلمات.
8- مُشْكِل الإعراب.
9- المناسبات بين الآيات.
10- فضائل الآيات.
11- النَّاسخ والمنسوخ.
12- القِراءات المتواتِرة ذات الأثر في التَّفسير.
13- معاني الآياتِ، سواء الإجمالي منها، أو التفصيلي.
14- الآيات والأحاديث المناسِبة لمعاني الآيات.
15- الفوائِد التربويَّة.
16- الفوائد العلميَّة واللطائف العامة.
17- بلاغَة الآيات.
ضوابط العمل في هذا التفسير:


في بيان المَكيِّ والمَدَني:
الاعتماد على الضَّابط الزَّماني، وهو أنَّ ما نزَلَ قبل الهجرة، فهو مكيٌّ، وما نزَل بعدَها فهو مدنيٌّ.
ذِكر ما صحَّ من الأدلَّة على كون السورة مكيَّةً أو مدنيَّةً.
في غريب الكلمات:
الاقتصار على الكلماتِ الغريبةِ فقط التي يُحتاج إلى معرفةِ معناها.
الاعتناء في التَّعريف بذِكرِ معنى الكلمةِ، وأصلِ اشتقاقها، والرَّبط بينهما - إنْ أمكن.
الاعتماد في بيانِ الغريبِ على أُمَّاتِ كتُب الغريبِ، مثل: ((غريبِ القرآن)) لابن قتيبة، ((غريب القرآن)) للسجستاني، ((مقاييس اللُّغة)) لابن فارس، ((المفردات)) للراغب، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي، ((التبيان)) لابن الهائم، وغيرها عندَ الحاجة.
في مشكل الإعراب:
الاقتصار على بيان المشْكِل الذي يخدمُ التفسيرَ ممَّا خفِي إعرابُه، وأَشكل توجيهُه النَّحوي، أو خالَف في الظَّاهرِ قواعدَ النُّحاة.
جمْع المادَّة بالاعتمادِ على الكتُب التالية: ((مُشكل إعرابِ القرآن)) لمكيٍّ، و((التبيان في إعراب القرآن)) للعُكبري، و((الدُّر المصون)) للسمين الحلبي، وغيرها إذا دعَتِ الحاجة.
في المعنى الإجمالي:
الاختصار.
عدم تكرار عبارات تفسير الآيات.
مراعاة مطابقة ما ترجَّح في تفسير الآيات دون التعرُّض لتفاصيل.
إبراز فَحْوى الآيات.
عرضُه بأسلوبٍ سلِسٍ ولغةٍ أدبيَّةٍ جميلةٍ وواضحةٍ وبسيطة.
في المناسبات بين الآيات: 
الاقتصار على ذِكر أهمِّ المناسبات.
الابتعاد عن المناسباتِ المتكلَّفة.

في القراءات:
الاكتفاء بالقِراءات المتواترة.
الاقتصار على ما له أثرٌ في التَّفسير.
التعامُل مع القِراءات المذكورةِ على أنَّ الاختلافَ الواقع بينها، هو اختلافُ تنوُّع؛ فيُؤخذ بمعانيها في التفسير.
عزْو القراءات إلى كِتاب: ((النشر)) لابن الجزري، وعزو معانيها إلى الكتُب المعنيَّة بذلك، مثل: ((معاني القِراءات)) للأزهري، ((الحُجة في القراءات السبع)) لابن خَالويه، ((حُجَّة القراءات)) لابن زنجلة، ((الإبانة عن معاني القِراءات)) لمكي، ((الكشف)) لمكي، ((تفسير أبي حيان))، ((الدُّر المصون)) للسمين الحلبي.

في تفسير الآيات:
تجزئة السُّورة إلى مقاطعَ تعتمد على الوحدة الموضوعيَّة لمجموعةِ آياتٍ متتالية.
الاعتماد على ما نقَلَه المفسِّرون من إجماعاتٍ ثابتةٍ وصحيحة.
الاعتماد في اختيارِ معاني الآيات في الجُملة، على المُبرَّزين في التفسير، وهم: ابن جرير، وابن كثير، وابن تيميَّة، وابن القيِّم، والسعدي، والشِّنقيطي، وابن عثيمين، مع الاستعانة بتفسيرِ الواحدي، وابن عطية، والقُرطبي، وابن رَجَب، وابن عاشور.
الأصل في اختلافِ التنوُّع قَبولُه، ما لم يُضعِّف أحدُ المفسرين المعتمَدين بعضَ المعاني.
إذا وُجد خلافُ تَضَادٍّ في معنى الآية، يُذكر المعنى الرَّاجح، مع الإشارةِ إلى الأقوال الأخرى إذا كانتْ قويَّةً ومحتَملَة.
النَّظر في كلِّ ما يَذكُره المفسِّر عن تفسيرِ الآية المعنيَّة؛ لأنَّه قد يَذكُر في موضعٍ ما لا يَذكُره في مواضعَ أخرى، أو تكون عبارتُه أجودَ أو أوضحَ وأكملَ في موطنٍ دون آخر.
في التَّفسير المجموع من كلامِ بعض أهل العِلم، كتفسير ابن تيميَّة، وابن القيِّم، وابن رجب، يكون العزوُ على الأصل، لا على الكِتاب الوسيط.
الاكتفاء في توثيقِ التَّفسير بذِكر المصادر والمراجع التي أُخذ التَّفسير من مجموعها، دون التَّصريح بِمَن اختار هذا القولَ إلَّا عند وجود إشكالٍ ما في تفسير الآية، يقتضي ذِكرَ القائلين بالقول المختار أو الأقوال الأخرى المحتَملة.
ذِكر المراجع باختصار، منسوبةً لأصحابها، مثل: ((تفسير ابن جرير))، ((تفسير ابن كثير))... إلخ، عدا الواحديِّ والشِّنقيطي؛ لأنَّ لديهما أكثرَ من تفسير.

في أقوال السلف:
ذِكر أقوال السَّلف - الموافقة للتَّفسير المختار - في الحاشية، وذلك في المواضعِ المشْكِلَة، أو التي كثُر فيها الخلاف.
عزْو أقوال السَّلف لمصادرها الأصليَّة، كتفسير ابن جرير، وابن أبي حاتم، مع الاستعانةِ أحيانًا ببعض الكتُب التي جَمَعت أقوالهم، كـ((زاد المسير)) لابن الجوزي، و((تفسير ابن كثير))، و((الدُّر المنثور)) للسيوطي.
في الفوائد التربويَّة: 
تشمل ما يتعلَّق بتزكيةِ النَّفْس وتهذيبها.
ربْط كلِّ فائدةٍ بدليلها، مع عَرْضها مرتَّبةً بحسب ترتيبِ الآيات.
في الفوائد العلميَّة واللَّطائف:
تشمل ما عدا الفوائدَ التربويَّة والبلاغيَّة، سواء كانت فوائدَ عقديَّة أو فقهيَّة، أو غيرَ ذلك ممَّا يُستنبَط من الآيات.
الاقتصار على غُرَر الفوائدِ والنُّكَت البديعة، دون الواضِحِ أو البدهيِّ من ذلك.
ربْط كلِّ فائدةٍ بدليلها، مع عَرْضها مرتَّبةً بحسبِ ترتيب الآيات.
الاعتماد في استخراجِ الفوائد التربويَّة، والفوائد العلميَّة واللَّطائف العامَّة، وكذا المناسبات، على التفاسير التالية:
((تفسير الرَّازي))، و((تفسير أبي حيَّان))، و((نَظْم الدُّرر)) للبقاعي، و((تفسير الشربيني))، و((تفسير السعدي))، و((تفسير المنار))، و((تفسير ابن عاشور))، و((الظِّلال)) لسيد قطب، و((تفسير ابن عثيمين)) وغيرها عند الحاجة.

في بلاغة الآيات:
الحِرص على إبرازِ جمالِ ألفاظ القرآنِ وتركيب جُمَله ومدلولاتها.
الاهتمام بتعريفِ المصطلحاتِ البلاغيَّة.
تجنُّب الأوجهِ البلاغيَّة المخالفة للاعتقاد الصَّحيح؛ اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة.
الاعتماد في جمْع الأوجه البلاغيَّة على الكتب التالية:
((تفسير الزمخشري))، ((تفسير البيضاوي))، ((تفسير أبي حيَّان))، ((تفسير أبي السعود))، ((تفسير ابن عاشور))، ((إعراب القرآن وبيانه)) لمحيي الدين درويش، ((دليل البلاغة القرآنية)) للدبل. بالإضافةِ إلى كتابيْن مُساعديْن، هما: ((البرهان)) للزركشي، و((الإتقان)) للسيوطي.

وممَّا اعتُمِدَ عليه في تَعريفِ المصطلحات البلاغيَّة:
((الإيضاح في علوم البلاغة)) للقزويني، و((مفتاح العلوم)) للسَّكَّاكي،  و((البرهان في علوم القرآن)) للزركشي، و((البلاغة العربية)) لعبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة، و((مفاتيح التفسير)) لأحمد سعد الخطيب، وغيرها.
هذا، والعملُ جارٍ على تفسيرِ بقيَّة القُرآنِ الكريمِ بهذا النَّهجِ المذكور، حتَّى بلوغ آخِر سورة منه إنْ شاء الله تعالى.
فدُونَكَ- أيُّها القارئ الكريم- هذا التَّفسير، الذي انْتظَمَ فيه ما تناثَرَ من دُررٍ في بطون التَّفاسير، وحوى ممَّا تفرَّق من نفائسِ العلم الشيءَ الكثير، حتى غَدَتْ قريبةَ المنَال، ظاهرةً في غاية الوضوح والتَّيسير.
وختامًا:

نسأل اللهَ العليَّ القديرَ أن يَتقبَّل منَّا جُهدَنا وسَعيَنا، وأنْ يَجعلَ القرآنَ قائدَنا وهادِيَنا، وحُجَّةً لنا لا عَلينا، وأن يَرزُقَنا تلاوتَه وتدبرُّه في جميعِ الأوقات، وأنْ يُكفِّر به عنَّا السَّيِّئات، ويَرفعنا به دَرجاتٍ عاليات.
والحمدُ لله الَّذي بنِعمته تتمُّ الصَّالحات،،

***********************
****** الموقع الرسمي ******
***********************
لا تنس الصلاة والسلام على خير الأنام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

0تعليقات

تعليقك يساهم في تطوير المحتوى ويزيد من الفائدة بمشاركتنا بأفكارك واقتراحاتك , رأيك يهمنا فساهم بتعليقاتك معنا
::: يرجى عدم وضع روابط خارجية في التعليقات لضمان نشرها :::