محبة الله عز وجل للشاب التائب
محبة الله عز وجل للشاب التائب
((إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الشَّابَ التَّائِبَ)) [رواه أبو الشيخ عن أنس]
من هو الشابّ ؟ قال : مَنْ بلغَ الثامنة عشرة ولمْ يتجاوَز الثلاثين ، من الثمانية عشر عامًا إلى الثلاثين ، قال : هذا الشابّ ، الشبيبة حالها غلبةُ الشّهوَة ، وحِدَّة النّفْس ، وقوّة الطَّبْع ، وضَعْفُ العقل ، وقِلَّة العِلْم ، كلّ أسباب المعْصِيَة مُتوافِرَة في الشابّ ، وكلُّ أسباب العِصْمة ضعيفةٌ عندهُ ، فإذا تغلَّبَ الشابّ على قوّة طَبْعِهِ ، وعلى غلبة شهوته ، وعلى حِدّة نفْسِهِ، وعلى ضَعف عقلِه ، وعلى قلَّة علْمِهِ ، وأطاع الله عز وجل ، ماذا حَدَث ؟ فإنّ الله سبحانه وتعالى يُحبُّه ، ويعْجَبُ منه ، وضحِكَ ربُّكم من شابّ ليْسَتْ لهُ صَبْوَة ، وإنّ الله تعالى ليُباهي الملائكة بالشابّ المؤمن ، يقول : انْظُروا عبدي ترَكَ شَهوتَهُ من أجلي .
أيها الأخوة الأكارم ؛ ورد في بعض الأحاديث القدسيّة أحبّ الطائعين ، وحُبّي للشابّ الطائع أشدّ ، وأبغضُ العُصاة ، وبُغضي للشيخ العاصي أشدّ .
أيها الأخوة الأكارم ؛ ويا أيّها الأخوة الشباب ، وأنتم في هذا السنّ أبواب رِضوان الله عز وجل ، أبواب السّعادة ، أبواب محبّة الله مُفتّحةٌ لكم ، لأنّ البُطولة أن تُطيعهُ وأنت شابّ، والشهواتُ تغلي فيك ، ومع ذلك تغضّ البصرَ عن محارم الله ، أن تُطيعهُ فتأكل المال الحلال فقط ، والمال الحرام بين يديك ، وأنت عفيفٌ عمّا نهى الله عنه ، هذه هي البُطولة ، بِقَدْر الحاجة ، أن تتصدَّق وأنت صحيحٌ شحيح ، تخْشى الفقْر وتأمُلُ الغِنى .
يا أيها الأخوة الأكارم ؛ من عرفَ الله في الرَّخاء عرفهُ في الشدّة ، عالمٌ جليل من علماء الشامّ بلغَ السادسة والتّسعين من عمرِه ، كان منتصِبَ القامة ، حادّ البصر ، مرهف السّمْع ، أسنانهُ في فمِهِ ، كلّما سئِلَ يا سيِّدي : ما هذه الصّحة التي متَّعَك الله بها ؟ قال هذه المقَوْلة الشهيرة : يا بنيّ حَفِظناها في الصِّغَر فحَفِظَها الله علينا في الكِبَر ، من عاشَ تقِيًّا عاشَ قويًّا ، هؤلاء الشباب إذا أطاعوا الله عز وجل يدَّخِرُ الله لهم سعادةً في زواجهم وسعادةً في خريفِ عُمُرهم ، كلّما ازْدادَ عمرهُم ازدادوا وقارًا ، وحكمةً وعلمًا وقوّةً وجاهًا ، أما الذي يُفني شبابهُ في المعاصي فله في حياته الدنيا آخرةٌ قبيحةٌ جدًّا سمّاها الله تعالى أرْذَلَ العُمُر ، قال تعالى :
﴿وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً﴾
[ سورة الحج : 5]
فمن أراد أن يحيا سعيدًا فعليه بطاعة الله تعالى ، من أراد أن يحيا كريمًا فعليه بطاعة الله ، من أراد أن يحيا عزيزًا فعليه بطاعة الله.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أنّ ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطّى غيرنا إلينا فلْنَتَّخِذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتْبعَ نفسه هواها ، وتمنّى على الله الأماني ، والحمد لله رب العالمين .
------------------------------
من
خطبة الجمعة - الخطبة 0365 : خ1 - حديث شريف (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) ، خ2 - الساعة البيولوجية.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1991-10-18
------------------------------
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0تعليقات