ثمرات التَوكُّل على الله تعالى

يعد التوكل على الله من الأمور الواجبة شرعًا على كل المسلمين، إذ لا بد من التيقن من أن الله بيده الأمر، وأن الأمور تجري بمقادير محددة، وأن الإنسان لن يبلغ شيئًا إلا بمراد الله، وأن الخير منه سبحانه وتعالى وحده، وأن هموم المسلم مهما عظمت، فإن رحمة سابقة إليه. ولذا كان لازمًا أن نلقي حمولنا جميعًا عليه سبحانه، ونحسن التوكل عليه وحده، ونسلم أمرنا إليه سبحانه. والتوكُّل في معناه لا يعني التَواكُل، لأن التوكل اعتماد على الله مع العمل والسعي والأخذ بالأسباب، أما الجلوس والقعود والركون دون الأخذ بالأسباب التي شرع الله، فإنها نوع من التواكل غير المرغوب. وللتوكل ثمرات كثيرة تعود على الإنسان بالخير ظاهرًا وباطنًا، ونحاول فيما يلي إجمال عدد من تلك الثمرات.

يعد التوكل على الله من الأمور التي تحقق الإيمان وترسخ العقيدة، يقول سبحانه وتعالى: “وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ” (سورة المائدة: 23). وتلك ثمرة عظيمة، فما الذي يبتغيه المسلم من التوكل على الله أكثر من سلامة إيمانه وعقيدته.
التوكل على الله يجلب الطمأنينة ويشرح الصدر، ويزيد من ثقة العبد بمولاه تعالى، كما أنه يعد سببًا للتأييد والنصرة من الله تعالى، يقول سبحانه: “وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ” (سورة الأنفال: 62).

يعد التوكل على الله سببًا من الأسباب الموصلة إلى دفع الأذى الخلق وعدوانهم وجورهم وبطشهم، إذ إن العبد الذي يتعرض إلى لون من هذا الأذى، ثم يقول: “حسبنا الله ونعم الوكيل“، جاءه النصر والتأييد من عند الله تعالى طال الزمان أم قصُر، وقد دلنا الله إلى الاعتصام به سبحانه مع حُسن التوكل عليه إذا ما أصبنا أو توالت علينا الخطوب، حيث قال تعالى: “ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ” (سورة آل عمران: 173-174 ).

يورث التوكل محبة الله تعالى لعبده، ولعل تلك من الثمرات المهمة والتي تسترعي انتباهنا، فمن كان مع الله كان الله معه، يقول سبحانه: “إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” (سورة آل عمران: 159).

ويعد التوكل من مسببات الصبر والاحتمال وأحد العوامل المؤدية إلى الرضا بما قدره الله لعبده، فيصبر ويحتسب سعيًا لنيل الأجر واحتسابًا لثواب الله، وإذا اجتمعا معًا– أي الصبر والتوكل– ملك الإنسان أمره، فحصّل الخير الجزيل والأجر العميم في الدنيا والآخرة.

يؤدي التوكل على الله إلى أن يرث العبد الثبات والتمكين وشدة العزيمة، ويصبح قويًّا غير خوار ولا ضعيف، يقول تعالى: “إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ” (سورة آل عمران: 160 ).



من ثمرات التوكل الثابتة في كتاب الله، أنه يقي العبد من الشياطين وتسلطها ويدفع الحسد والسحر والعين، ويعد حرزًا للعبد من الشرور، يقول تعالى: “إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ: (سورة النحل: 99). ودل ذلك على أن الشيطان ليس له من قوة على العبد إن كان مؤمنًا متوكلاً على الله سبحانه وتعالى.
ومن أعظم ثمرات التوكل على الله تعالى أنه يعد سببًا لدخول الجنة، وهل بعد ذلك من شيء يحرص الإنسان عليه، إذ كانت الجنة هي مكافأة التوكل، فأي فضل هذا، وأي مكرمة لعباد الله المتوكلين الصابرين الراضين بما قسمه الله لهم.

إن ثمرات التوكل كثيرة ومتعددة، وهذا كثير من قليل، وهو مع يدل على أثر التوكل على العبد في الدنيا والآخرة، لذا علينا أن نربي أنفسنا على التوكل ونتخذه سبيلاً ومنهج حياة لنا.



المصدر
لا تنس الصلاة والسلام على خير الأنام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

0تعليقات

تعليقك يساهم في تطوير المحتوى ويزيد من الفائدة بمشاركتنا بأفكارك واقتراحاتك , رأيك يهمنا فساهم بتعليقاتك معنا
::: يرجى عدم وضع روابط خارجية في التعليقات لضمان نشرها :::