لا تسبوا أمراءكم
عن أنس بن مالك قال: نهانا كبراؤنا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((لا تسبوا أمراءكم، ولا تغشوهم، ولا تبغضوهم، واتقوا الله واصبروا، فإن الأمر قريب)) رواه ابن أبي عاصم في السنة وسنده صحيح.
قال أبو الدرداء -رضي الله عنه- : "إياكم ولعن الولاة ، فإنَّ لعنهم الحالقة ، وبغضهم العاقرة" قيل: يا أبا الدرداء ، فكيف نصنع إذا رأينا منهم ما لا نحب؟ قال: "اصبروا ، فإن الله إذا رأى ذلك منهم حبسهم عنكم بالموت" رواه ابن أبي عاصم في السنة وسنده صحيح .
تنبيه: في إسناد أثر أبي الدرداء أبو اليمان عامر بن عبد الله الهوزني ، ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال في مشاهير علماء الأمصار(ص/114) : "وكان ثبتاً".
وقال أبو إسحاق السبيعي -رحمَهُ اللهُ- : "ما سب قوم أميرهم إلا حرموا خيره" رواه ابن عبد البر في التمهيد(21/287) وسنده صحيح.
وقال أبو مجلز لاحق بن حميد -رحمَهُ اللهُ- : " سب الإمام الحالقة ، لا أقول حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين" رواه ابن زنجويه في الأموال(رقم34) وإسناده حسن.
وقال أبو إدريس الخولاني -رحمَهُ اللهُ- : "إياكم والطعن على الأئمة، فإنَّ الطعن عليهم هي الحالقة، حالقة الدين ليس حالقة الشعر، ألا إنَّ الطاعنين هم الخائبون وشرار الأشرار". رواه ابن زنجويه في الأموال(رقم38) وسنده حسن.
والنهي عن سب الأمراء وغيبتهم والطعن فيهم والتشهير بهم لما فيه من الفساد والإعانة على سفك الدماء .
قال عبد الله بن عكيم -رحمَهُ اللهُ- : "ولا أعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان -رضي الله عنه-" . فقيل له: يا أبا معبد أوَ أعنت على دمه؟ فيقول: "إني أعد ذكر مساوئه عوناً على دمه". رواه ابن سعد في الطبقات(6/115) ويعقوب بن سفيان في المعرفة(1/231) وسنده صحيح.
وقال الشيخ إبراهيم بن عبد اللطيف رحمَهُ اللهُ-: "وأما ما قد يقع من ولاة الأمور من المعاصي والمخالفات التي لا توجب الكفر والخروج عن الإسلام فالواجب فيها مناصحتهم على الوجه الشرعي برفق ، واتباع ما كان عليه السلف الصالح من عدم التشنيع عليهم في المجالس ومجامع الناس ، واعتقاد أن ذلك من إنكار المنكر الواجب إنكاره على العباد ، وهذا غلط فاحش وجهل ظاهر لا يعلم صاحبه ما يترتب عليه من المفاسد العظام في الدين والدنيا ، كما يعرف ذلك من نوَّر الله قلبه ، وعرف طريقة السلف الصالح وأئمة الدين" الدرر السنية(9/119).
وسئل الشيخ العلامة الإمام عبد العزيز بن باز رحمَهُ اللهُ- : "هل من منهج السلف نقد الولاة فوق المنابر، وما منهج السلف في نصح الولاة؟"
فأجاب رحمَهُ اللهُ-: "ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان والكتابة إليه أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير.
وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل فينكر الزنا وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر فلانا يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم.
ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه ألا تكلم عثمان؟فقال: إنكم ترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم؟ إني لأكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من افتتحه(أخرج القصة الشيخان، وأحمد وغيرهم، من حديث "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار..."بألفاظ، عن أسامة بن زيد).
ولما فتحوا (أي الخوارج ) الشر في زمان عثمان رضي الله عنه وأنكروا على عثمان جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان بأسباب ذلك، وقتل جمع كثر من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني، وذكر العيوب علنا حتى أبغض الناس ولي أمرهم وقتلوه، نسأل الله العافية. انتهى كلام الشيخ رحمه الله.
وسئل الشيخ العلامة صالح الفوزان –حفظه الله-: "ما رأي فضيلتكم في بعض الشباب الذين يتكلمون في مجالسهم عن ولاة الأمور بالسب والطعن فيهم؟
فأجاب -حفظه الله-: " هذا الكلام معروف أنه باطل ، وهؤلاء إما أنهم يقصدون الشر ، وإما أنهم تأثروا بغيرهم من أصحاب الدعوات المضللة –إلى أن قال:- فهذه ليست طريقة السلف أهل السنة والجماعة". الأجوبة المفيدة(ص/57)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0تعليقات