شرح حديث " سبق المُفردون الذاكرون الله كثيرا والذاكرات "
في هَذا الحديثِ حثٌّ عَلى كَثرةِ ذِكرِ اللهِ تَعالى، وفَضيلَةُ الذَّاكرينَ اللهَ كَثيرًا؛ وذَلكَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كانَ يَسيرُ في طَريقِ مَكَّةَ، (فمَرَّ على جَبلٍ) يُقالُ لَه: جُمْدانُ وَهو جَبلٌ يمتَدُّ مِن الجنوبِ إِلى الشَّمالِ في الحدِّ الغَربيِّ مِن مُحافظةِ خُلَيصَ التَّابعةِ لمَنطِقَةِ مَكَّةَ المكرَّمة، وبَينَ هذا الجبلِ وبَين مكَّةَ نحو 100 كيلو، فَقال: سَبَقَ المفرِّدون، أيِ: المُفَرِّدونَ أَنفُسَهم عن أَقرانِهم، المُميِّزونَ أَحوالَهم عن إِخوانِهم بنَيلِ الزُّلفَى والعُروجِ إِلى الدَّرجاتِ العُلى؛ لأنَّهم أُفرِدُوا بذِكرِ اللهِ عمَّن لم يَذكُرِ اللهَ، أو جَعَلوا رَبَّهم فَردًا بالذِّكرِ، وتَركوا ذِكرَ ما سِواه.
والمُفرِّدونَ هُمُ الَّذين هَلك أَقرانُهم وانْفَردوا عَنْهم فَبَقوا يَذكُرون اللهَ تَعالى.
(قَالوا: وَما المُفرِّدون يا رَسولَ اللهِ؟)، فأَجابَ بأنَّ التَّفريدَ الحقيقيَّ المُعتدَّ لَه هُو تَفريدُ النَّفسِ بذِكرِ اللهِ تَعالى في أَكثرِ الأَوقاتِ، فكأنَّهم قالوا: ما صِفةُ المُفرِّدين حتَّى نَتأسَّى بِهم فنَسبِقَ إِلى ما سَبقوا إِليهِ ونَطَّلعَ على ما اطَّلعوا عَليه؟ (قال: الذَّاكرونَ اللهَ كَثيرًا): أَي: ذِكرًا كَثيرًا في أكثرِ أَحوالِهم.
0تعليقات